إن العديد من أغنى دول العالم هي أيضًا أصغر دول العالم، فلم يكن للوباء والتباطؤ الاقتصادي العالمي والاضطرابات الجيوسياسية أي تأثير يذكر على ثرواتها الضخمة.
وتستفيد بعض البلدان الصغيرة والغنية للغاية – مثل سان مارينو ولوكسمبورج وسويسرا وسنغافورة – من وجود قطاعات مالية وأنظمة ضريبية متطورة تجتذب الاستثمار الأجنبي والمواهب المهنية والودائع المصرفية الكبيرة، وتتمتع بلدان أخرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة باحتياطيات كبيرة من الهيدروكربونات أو غيرها من الموارد الطبيعية المربحة، كما أن الكازينوهات المتلألئة وجحافل السياح مفيدة للأعمال التجارية.
ولكن ماذا نعني عندما نقول إن دولة ما “غنية”، وخاصة في عصر يتسم بتفاوت متزايد في الدخول بين الأثرياء الفاحشين وبقية الناس؟ في حين يقيس الناتج المحلي الإجمالي قيمة كل السلع والخدمات المنتجة في دولة ما، فإن تقسيم هذا الناتج على عدد المقيمين الدائمين يشكل وسيلة أفضل لتحديد مدى ثراء أو فقر سكان دولة ما مقارنة بسكان دولة أخرى، ومن هنا يصبح السبب وراء تساوي “الثراء” في كثير من الأحيان مع “الصغر” واضحاً، فاقتصادات هذه الدول كبيرة بشكل غير متناسب مقارنة بعدد سكانها الصغير.
أغنى 10 دول في العالم:
10. النرويج
القيمة الحالية للدولار الدولي: 82,832
منذ اكتشاف احتياطيات ضخمة من النفط قبالة سواحل النرويج في أواخر ستينيات القرن العشرين، كان النفط هو المحرك الاقتصادي للنرويج، وباعتبارها أكبر منتج للنفط في أوروبا الغربية، استفادت النرويج لعقود من الزمن من ارتفاع الأسعار.
ولكن لم يحدث ذلك فقد انهارت الأسعار في بداية عام 2020، ثم تلا ذلك الوباء العالمي ــ وهبطت قيمة الكرونة النرويجية إلى مستويات متدنية، وفي الربع الثاني من ذلك العام، انخفض الناتج المحلي الإجمالي النرويجي بنسبة 6.3%، وهو أكبر انخفاض في نصف قرن وربما منذ الحرب العالمية الثانية.
وعندما يتعلق الأمر بأي مشكلة اقتصادية غير متوقعة، يستطيع النرويجيون دائماً الاعتماد على صندوق الثروة السيادية الذي تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم، وليس هذا فحسب بل وعلى النقيض من العديد من الدول الغنية الأخرى، فإن أرقام الناتج المحلي الإجمالي المرتفعة للفرد في النرويج تعكس بدقة إلى حد معقول الرفاهة الاقتصادية للشخص العادي، وتفتخر البلاد بأحد أصغر فجوات التفاوت في الدخل في العالم.
شاهد أيضاً: تعرف على الاقتصاديين الأكثر تأثيراً في العالم
9. الولايات المتحدة الأمريكية
القيمة الحالية للدولار الدولي: 85,373
هل قلنا إن أغنى البلدان هي أيضا أصغرها مساحة؟ هذا ليس هو الحال بالتأكيد في حالة الولايات المتحدة، التي دخلت القائمة لأول مرة في عام 2020 بعد أن كانت تحوم حول المركز العاشر تقريبا لمعظم العقدين الماضيين.
وكان ارتفاعها في البداية على الأقل راجعاً إلى حد كبير إلى التدابير الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالجائحة والتي عززت الدخل والإنفاق وانخفاض أسعار الطاقة، مما دفع الاقتصادات القائمة على النفط مثل قطر والنرويج والإمارات العربية المتحدة إلى أسفل عدة تصنيفات، في حين خرجت بروناي من المراكز العشرة الأولى تمامًا.
ومع ذلك تمكنت البلاد منذ ذلك الحين من الاستفادة من الزخم والحفاظ على وجودها في أعلى مستوى من القائمة، ولم تشهد الولايات المتحدة أقصر ركود لها على الإطلاق في أوائل عام 2020، حيث دام شهرين فقط بل إن اقتصادها يزدهر الآن، حيث رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لعام 2024 للنمو الاقتصادي الأمريكي إلى 2.7٪، ولكن أداء الولايات المتحدة – وفقًا للصندوق – سيكون هذا العام “محركًا رئيسيًا للنمو العالمي”.
8. سان مارينو
الدولار الدولي الحالي: 86,989
سان مارينو هي أقدم جمهورية في أوروبا وخامس أصغر دولة على الخريطة، وقد لا يتجاوز عدد سكانها 34 ألف نسمة، لكنها من بين أغنى مواطني العالم، ومن المفيد أن معدلات ضريبة الدخل منخفضة للغاية، حيث تبلغ حوالي ثلث متوسط الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك تعمل سان مارينو على مواءمة قوانينها ولوائحها المالية مع قوانين الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية.
7. سويسرا
القيمة الحالية للدولار الدولي: 91,932
إن الشوكولاتة البيضاء والزلاجات الجليدية والبنوك السرية وساعات الكوارتز والعقول الحاسوبية وإغراء الشاليهات الجبلية الألبية ليست سوى بعض الأشياء التي يتبادر إلى الذهن عند التفكير في سويسرا.
أما ما هو غير معروف إلى حد كبير فهو أن السويسريين كانوا يسجلون ثاني أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد في العالم لسنوات قبل أن يتراجعوا في نهاية المطاف في عام 2015 عندما بدأت بلدان النفط مثل قطر تفرض قوتها المالية، وبينما عادوا مرة أخرى إلى المركز الثاني في عام 2020، فقد استقروا في المركز السابع بحلول عام 2024 – وربما لن يستعيدوا مكانتهم السابقة.
وهذا لا يعني أن سويسرا ليست واحدة من أغنى دول العالم، لكنها تشعر بآثار الحرب الروسية في أوكرانيا، وتباطؤ اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وارتفاع التضخم على مستوى العالم.
6. الإمارات العربية المتحدة
القيمة الحالية للدولار الدولي: 98,662
منذ استقلالها في عام 1971، حولت دولة الإمارات العربية المتحدة نفسها بسرعة البرق من مجموعة من الإمارات الفقيرة إلى أحد الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، وتحتل الإمارات اليوم المرتبة الأولى من حيث النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المتوقع أن تتوسع اقتصادياً بنسبة 4.2% في عام 2024.
وهي ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، لكن السياسة الوطنية على مدى العقود القليلة الماضية هدفت إلى تقليل الاعتماد على الهيدروكربونات من خلال تنويع اقتصاد الدولة بشكل سريع، والنفط ليس هو العنصر الوحيد الذي يجذب المستثمرين إلى شواطئ الإمارات العربية المتحدة، فهي تتمتع أيضًا بسياسة ضريبية إيجابية للشركات (ضريبة صفرية على ضريبة الدخل الشخصي حتى عام 2022)، والعديد من المناطق الاقتصادية الحرة، مما يوفر مزايا للشركات وقطاع عقاري مثير للإعجاب ومدن مزدهرة مثل دبي وأبو ظبي.
5. قطر
القيمة الحالية للدولار الدولي: 107,774
على الرغم من سقوطها بمقدار ثلاثة مراكز منذ عام 2021، لا تزال قطر خامس أغنى دولة في العالم وعلى الرغم من أنها تمتلك ثالث أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم.
وقد أدى هذا إلى تمويل انتعاشها الاقتصادي السريع من صدمة الركود العالمي وتراجع أسعار النفط، فضلاً عن إنشاء نظام رعاية اجتماعية شامل يشمل سكانها البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة، كما أن أجندتها الاقتصادية متنوعة بشكل معقول على الرغم من استمرار اعتمادها على الهيدروكربونات.
وعلاوة على ذلك فقد استفادت قطر بشكل كبير من استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4٪ خلال العام الأول، وكانت الفوائد الإضافية التي حققتها من البطولة المليارية أكثر أهمية بكثير.
4. ماكاو
القيمة الحالية للدولار الدولي: 121,574
معقل ألعاب القمار في آسيا هي الدولة الوحيدة التي شهدت انخفاض ناتجها المحلي الإجمالي للفرد منذ عام 2019، لكنها لا تزال ثالث أغنى دولة في العالم، وقد أدى عدم وجود سياح خلال الوباء إلى توقف عجلة الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كامل تقريبًا على عائدات الكازينوهات.
ولم تشهد صناعة القمار في ماكاو سوى بعض علامات الانتعاش في عام 2022، حيث من المتوقع أن تحقق إيرادات في حدود 15-20٪ من أرقام ما قبل الجائحة، ومع ذلك كانت هناك مفاجأة سارة عندما تم رفع القيود المفروضة على السفر الدولي: عائدات السياحة بلغت أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من أربع سنوات، ولا يزال الانتعاش في الدخل القومي بطيئًا، لكنه يبدو الآن أنه يسير في الاتجاه الصحيح.
3. سنغافورة
القيمة الحالية للدولار الدولي: 131,580
عادة ما تكون دولة المدينة في جنوب شرق آسيا، وهي مركز اقتصادي عالمي مزدحم، في أعلى ثلاث دول في العالم من حيث تكافؤ القوة الشرائية، وسنغافورة لديها سياسة ضريبية مؤيدة للأعمال، وهي جنة ضريبية عملية لأولئك الذين يرغبون في وضع أموالهم في مكان آمن، وهي واحدة من أغنى وأغلى دول العالم، كما أنها تتمتع بأدنى معدل للوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي المزمنة، وكانت في عام 2019 تاسع أغنى دولة في العالم، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد 65,640 دولارًا أمريكيًا.
2. لوكسمبورغ
القيمة الحالية للدولار الدولي: 151,358
تمتاز هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، بأنها أغنى دولة في العالم لمدة عقدين على الأقل، ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أن لديها بيئة ضريبية مواتية للغاية، وفي الواقع تشكل صناعات التمويل والخدمات 86٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ولوكسمبورغ لديها صناعة خدمات مالية مزدهرة وجذابة للشركات المتعددة الجنسيات، بالإضافة إلى قطاع صناعي قوي، كما أن لديها معدل بطالة منخفض للغاية يبلغ حوالي 5٪، ومع ذلك، ففي عام 2019، أصبحت دولة المدينة الغنية هذه أول دولة في العالم تقدم وسائل النقل العام مجانًا، مما ساعد سكانها على التحرك بسهولة أكبر.
1. إيرلندا
القيمة الحالية للدولار الدولي: 161,059
تحتل إيرلندا الصدارة منذ عام 2022، مما يجعلها أغنى دولة في العالم بفضل صناعة التكنولوجيا العملاقة وقطاع الصادرات المزدهر، وفي السنوات الأخيرة استقطبت أيرلندا الشركات الأجنبية، خاصة في مجال التكنولوجيا الحيوية والاتصالات، من خلال تخفيض الضرائب.
وبين عامي 1985 و2019، ارتفعت نسبة الصادرات من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 700٪، في حين أن 14 من أصل 20 من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية والأدوية في العالم لديها وجود كبير في أيرلندا، بما في ذلك جوجل وآبل وفيسبوك.
شاهد أيضاً:
أفضل 5 مواقع لتعليم اللغات مجاناً 2024
كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية
