الكاكاو هو نبات تُستخرج منه حبوب تُستخدم في صناعة الشوكولاتة ومسحوق الكاكاو، وينمو بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية مثل غرب إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وحبوب الكاكاو تحتوي على مضادات أكسدة، معادن مثل المغنيسيوم والدهون الصحية، ويتميز الكاكاو بمذاقه المر القوي، ولذلك غالباً ما يُضاف إليه السكر عند استخدامه في الحلويات والمشروبات.
تم اكتشاف شجرة الكاكاو من قبل شعوب المايا والآزتيك في أمريكا الوسطى والجنوبية قبل أكثر من ألفي عام، وكانت تلك الشعوب تقوم بعصر بذور الكاكاو وطحنها لتحضير شراب الكاكاو، تُظهر الرسوم التاريخية من حضارة المايا مدى ارتباطهم الوثيق بشجرة الكاكاو، مما يشير إلى أنهم ربما كانوا أول من اكتشف هذه الشجرة، وكان الكاكاو له دور هام في حياة المايا؛ حيث كان يُدفن مع الموتى في قبورهم على اعتقاد أن هذا المشروب سيجلب لهم السعادة في الحياة الآخرة.
أما الموطن الأصلي لشجرة الكاكاو، فهو الغابات الاستوائية الممطرة في أمريكا اللاتينية، خاصة في منطقة الأمازون بأمريكا الجنوبية، بما في ذلك فنزويلا وكولومبيا والبرازيل وجنوب المكسيك، وحتى بداية القرن السادس عشر، لم تُزرع شجرة الكاكاو في أي مكان آخر سوى الدول اللاتينية.
واكتشف الرحالة الإسباني الشهير كريستوفر كولومبوس شجرة الكاكاو وأخذ معه بذورها إلى بلاده، وبدأت زراعة الكاكاو في إفريقيا في العام 1874، وخاصة في نيجيريا وغانا، وحاليًا تُعد غانا من أبرز الدول المنتجة للكاكاو، وامتدت زراعته إلى سيراليون وتوغو وجمهورية بنين وأماكن أخرى في غرب إفريقيا منذ بداية القرن العشرين. تُساهم إفريقيا بأكثر من 60% من الإنتاج العالمي للكاكاو.
وتعد ساحل العاج أكبر منتج للكاكاو في العالم، حيث توفر حوالي 30% من إجمالي الإنتاج العالمي، بإنتاج يصل إلى حوالي 1.45 مليون طن متري سنويًا، وتستورد العديد من الشركات العالمية الشهيرة مثل نستله وكادبوري كميات كبيرة من الكاكاو من ساحل العاج، حيث يُعتبر الكاكاو أحد المصادر الرئيسية للإيرادات التجارية في البلاد.
وتعتبر صناعة وتجارة الكاكاو من الصناعات الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وقيمة العملات الرئيسية مثل الدولار الأمريكي واليورو، ويعتبر الكاكاو مكونًا رئيسيًا في صناعة الشوكولاتة والمنتجات الحلوة الأخرى، ولذلك فإن أي تغير في سوق الكاكاو يمكن أن ينعكس على الاقتصاد العالمي وعلى قيمة العملات.
تأثير تجارة الكاكاو على الاقتصاد العالمي
1. تأثير الكاكاو على أسعار العملات:
الكاكاو يُسعر بالدولار الأمريكي واليورو في الأسواق العالمية، مما يعني أن أي تغييرات في أسعار الكاكاو يمكن أن تؤثر على القيم المقابلة لهذه العملات، على سبيل المثال إذا ارتفع الطلب على الكاكاو وزادت أسعاره، فإن هذا قد يؤدي إلى زيادة تكاليف إنتاج الشوكولاتة والمنتجات الحلوة الأخرى، مما قد يؤثر سلبًا على الطلب ويؤدي إلى انخفاض في إيرادات الشركات المصنعة.
2. تأثير العرض والطلب:
يتأثر سعر الكاكاو بشكل كبير بعوامل العرض والطلب، وإذا زاد الطلب على الكاكاو بشكل كبير، فقد يرتفع سعره، مما يؤثر بدوره على أسعار العملات المرتبطة به، وعلى العكس إذا انخفض الطلب على الكاكاو، فقد ينخفض سعره، مما ينعكس على قيمة الدولار الأمريكي واليورو.
3. تأثير الإنتاج العالمي:
تعد كوت ديفوار وغانا من أكبر منتجي الكاكاو في العالم، حيث تساهمان بنسبة كبيرة في العرض العالمي، وأي تغيير في إنتاج هذه الدول يؤثر بشكل مباشر على الأسعار العالمية للكاكاو، وعلى سبيل المثال، إذا تعرضت هذه الدول لأزمات سياسية أو اقتصادية، فقد يؤدي ذلك إلى تقليص الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.
الإحصاءات الحديثة:
وفقًا لبيانات المجلس الدولي للكاكاو (ICCO) لعام 2024، فإن إنتاج الكاكاو العالمي بلغ حوالي 4.8 مليون طن متري، وتستحوذ كوت ديفوار على نحو 40% من هذا الإنتاج، تليها غانا بحصة تقارب 20%، كما أظهرت التقارير أن أسعار الكاكاو قد شهدت تقلبات ملحوظة في الأشهر الأخيرة، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 15% في الأسعار مقارنة بالعام الماضي بسبب زيادة الطلب العالمي والتحديات في الإنتاج.
شاهد أيضاً: أكثر 10 دول إنتاجاً للكاكاو على مستوى العالم
تأثير أزمة أسعار الكاكاو الأخيرة على السوق
في مارس/آذار الماضي، تجاوزت أسعار الكاكاو في الأسواق العالمية عتبة 10,000 دولار للطن في نيويورك، نتيجة تراجع المحاصيل في غرب إفريقيا بسبب سوء الأحوال الجوية والأمراض التي أثرت على المزارع القديمة، ورغم أن الأسعار قد تراجعت منذ ذلك الحين، إلا أنها لا تزال أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
وفي أحدث تداولات، بلغ سعر الطن المتري في العقود الآجلة 8,144 دولارًا، بتراجع يومي قدره 8.55%، وفي أكبر منتجين للكاكاو، ساحل العاج وغانا، تحدد السلطات أسعار المحاصيل في أكتوبر/تشرين الأول بناءً على الأسعار السابقة، وبحلول هذا الوقت، يكون معظم المحاصيل قد تم بيعها مسبقًا، مما يحد من تأثير تقلبات الأسعار بشكل مباشر على صغار المنتجين.
وفي أبريل/نيسان، رفعت السلطات أسعار المحاصيل المتوسطة بنسبة 50% إلى ما بين 2,300 و2,500 دولار للطن، وهي زيادة متواضعة مقارنة بالأسعار العالمية، وفي البلدان ذات القواعد الأقل تنظيمًا مثل الكاميرون ونيجيريا والإكوادور والبرازيل، استفاد المزارعون بشكل أكبر بفضل السماح لهم ببيع حبوبهم بأسعار تقارب الأسعار في الأسواق المالية.
ورغم ذلك هناك مخاوف من فائض في إنتاج الكاكاو خلال 3 إلى 5 سنوات، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار مجددًا، ووفقًا لمنظمة الكاكاو العالمية، كان ترتيب أكبر المنتجين في موسم 2022/2023 كما يلي:
ساحل العاج: 2.24 مليون طن
غانا: 645 ألف طن
إكوادور: 454 ألف طن
الكاميرون: 290 ألف طن
نيجيريا: 280 ألف طن
البرازيل: 220 ألف طن
إندونيسيا: 180 ألف طن
عوامل أخرى مؤثرة
تتأثر صناعة الكاكاو أيضًا بعوامل أخرى مثل السياسات النقدية والاقتصادية، والتغيرات الجيوسياسية، والاضطرابات العالمية، وعلى سبيل المثال تؤثر السياسات التجارية العالمية مثل التعريفات الجمركية والحصص على تجارة الكاكاو وتؤثر بالتالي على الأسعار والاقتصاد العالمي.
من هي الدول الأكثر إنتاجاً للكاكاو في العالم؟
1. كوت ديفوار: تُعد كوت ديفوار أكبر منتج لحبوب الكاكاو في العالم، بإنتاج سنوي يتجاوز 1.5 مليون طن، مما يمثل حوالي 40% من إجمالي الإنتاج العالمي.
2. غانا: تأتي غانا في المرتبة الثانية بإنتاج يزيد عن 800,000 طن سنويًا، ما يمثل حوالي 20% من الإنتاج العالمي.
3. إندونيسيا: تحتل إندونيسيا المرتبة الثالثة في إنتاج الكاكاو، حيث يبلغ إنتاجها السنوي أكثر من 700,000 طن، مما يمثل حوالي 15% من الإنتاج العالمي.
4. إكوادور: تأتي إكوادور في المرتبة الرابعة بإنتاج حوالي 450,000 طن سنويًا، ما يمثل حوالي 10% من الإنتاج العالمي.
5. الكاميرون: تحتل الكاميرون المرتبة الخامسة بإنتاج حوالي 290,000 طن سنويًا، مما يمثل حوالي 6% من الإنتاج العالمي.
لماذا تهيمن افريقيا على إنتاج الكاكاو؟
تُهيمن إفريقيا على إنتاج الكاكاو بسبب عدة عوامل رئيسية تتعلق بالبيئة والاقتصاد والسياسات الزراعية:
الظروف المناخية المثالية: إفريقيا، وخاصة غرب إفريقيا، تمتلك مناخًا استوائيًا مثاليًا لزراعة الكاكاو، والأمطار الغزيرة والحرارة العالية طوال السنة توفر الظروف المثالية لنمو أشجار الكاكاو.
التربة الخصبة: التربة في مناطق مثل كوت ديفوار وغانا غنية بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو الكاكاو، مما يعزز من جودة وكمية الإنتاج.
الخبرة التقليدية: زراعة الكاكاو لها تاريخ طويل في إفريقيا، مما أدى إلى تطوير تقنيات زراعية متقدمة ومحسنة على مر الزمن، والمجتمعات الزراعية في هذه المناطق لديها معرفة متعمقة بكيفية زراعة ومعالجة الكاكاو.
العمالة الرخيصة: توفر إفريقيا قوة عاملة بتكلفة منخفضة نسبيًا، مما يجعل زراعة الكاكاو أكثر اقتصادًا مقارنة بالدول الأخرى، ويتم الاعتماد على الزراعة العائلية الصغيرة التي تعتبر أساسية في هذا القطاع.
الدعم الحكومي والمشروعات الزراعية: العديد من الدول الإفريقية توفر دعمًا حكوميًا للمزارعين من خلال السياسات الزراعية والتدريب والبحث، وهذا الدعم يعزز الإنتاجية ويشجع المزيد من المزارعين على الانخراط في زراعة الكاكاو.
البنية التحتية للتجارة: بعض الدول الإفريقية، مثل كوت ديفوار وغانا، استثمرت في تحسين بنية التحتية لنقل الكاكاو إلى الأسواق العالمية، مما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية لتصدير الكاكاو.
الأسواق العالمية: الطلب العالمي المرتفع على الكاكاو يدفع الدول الإفريقية إلى زيادة الإنتاج، وتتعامل هذه الدول بشكل رئيسي مع الأسواق العالمية، مما يعزز من إنتاجها.
أكثر الدول استهلاكاً للكاكاو في العالم
- سويسرا: حوالي 11 كجم للفرد
- ألمانيا: حوالي 9 كجم للفرد
- النمسا: حوالي 8 كجم للفرد
- بلجيكا: حوالي 7 كجم للفرد
- السويد: حوالي 6.5 كجم للفرد
لماذا تستهلك هذه الدول الكاكاو أكثر من غيرها؟
الاستجابة العالية لاستهلاك الشوكولاتة في هذه الدول يمكن أن تُعزى إلى عدة عوامل
- التقاليد الثقافية: في العديد من هذه الدول، تعتبر الشوكولاتة جزءًا أساسيًا من الثقافة والمناسبات الاجتماعية.
- الجودة العالية: هذه الدول تُعرف بإنتاجها للشوكولاتة الفاخرة ذات الجودة العالية، مما يعزز من استهلاكها المحلي.
- التوافر والتنوع: في البلدان التي تهيمن فيها صناعة الشوكولاتة، تتوفر مجموعة متنوعة من منتجات الشوكولاتة في الأسواق، مما يجعلها أكثر جذبًا للمستهلكين.
- الترويج والإعلانات: الشركات المنتجة في هذه الدول تستثمر بشكل كبير في التسويق والإعلانات، مما يعزز من رغبة المستهلكين في شراء وتناول المزيد من الشوكولاتة.
- الاقتصاد ومستوى المعيشة: في الدول ذات الاقتصاد القوي ومستوى المعيشة المرتفع، يكون لدى الأفراد القدرة على الإنفاق على المنتجات الفاخرة مثل الشوكولاتة.
الصناعات التي يدخل فيها الكاكاو:
الكاكاو ليس فقط مكوناً أساسياً في صناعة الشوكولاتة، بل يتم استخدامه في مجموعة متنوعة من الصناعات الأخرى:
صناعة الشوكولاتة: الكاكاو هو العنصر الأساسي في صناعة الشوكولاتة بجميع أنواعها، بما في ذلك الشوكولاتة الداكنة، والحليب، والشوكولاتة البيضاء، وكذلك في تصنيع الحلويات والشوكولاتة الفاخرة.
المشروبات الساخنة: يستخدم الكاكاو في تحضير مشروبات الشوكولاتة الساخنة، التي تعدّ من المشروبات الشعبية في العديد من الثقافات حول العالم.
منتجات التجميل والعناية بالبشرة: يُستخدم الكاكاو في صناعة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، مثل الكريمات والمرطبات، نظراً لفوائده العديدة على الجلد، بما في ذلك الترطيب والخصائص المضادة للأكسدة.
الأدوية والمكملات الغذائية: يُستخدم الكاكاو في تصنيع بعض المكملات الغذائية والأدوية، حيث يُعتبر مصدراً غنياً بمضادات الأكسدة والمواد الكيميائية التي قد تكون مفيدة للصحة.
الطهي والخبز: يُضاف مسحوق الكاكاو إلى وصفات الطهي والخبز، مثل الكعك والبسكويت، لتحسين النكهة وإضافة لمسة من الطعم الشوكولاتة.
الجانب المظلم لزراعة وصناعة الكاكاو
يُعَدُّ استغلال الأطفال في زراعة الكاكاو من أبرز القضايا التي تواجه صناعة الشوكولاتة، وهو موضوع يعكس مأساة إنسانية حقيقية في دول غرب أفريقيا مثل ساحل العاج وغانا، حيث يُنتج نحو 70% من الكاكاو العالمي، وتعاني هذه المناطق من مشاكل متجذرة تتعلق بعمالة الأطفال، والتي تتجلى في عدة جوانب:
1. ظروف العمل القاسية: يعمل الأطفال في مزارع الكاكاو تحت ظروف قاسية وخطرة، ويتعرضون لمخاطر متعددة تشمل:
- التعرض للمبيدات السامة: غالباً ما يضطر الأطفال للعمل مع المواد الكيميائية المستخدمة في زراعة الكاكاو، والتي قد تكون سامة وتتسبب في أمراض تنفسية وجلدية.
- الأدوات الحادة: يُجبر الأطفال على استخدام أدوات حادة لجمع حبوب الكاكاو، مما يعرضهم لخطر الإصابة الجسدي مثل الجروح والبتر.
- العمل الطويل: يعمل الأطفال ساعات طويلة، تصل إلى أكثر من 12 ساعة يومياً، دون فترات راحة كافية أو حماية مناسبة.
2. انخفاض الأجور وسوء المعاملة: الأطفال العاملون في زراعة الكاكاو يتقاضون أجوراً زهيدة تتراوح بين 0.5 و1.25 دولار أمريكي يومياً، وقد يعمل بعضهم دون أي أجر، بالإضافة إلى ذلك يعاني هؤلاء الأطفال من سوء المعاملة والتجويع. كثير منهم يُجبرون على العمل في ظل ظروف أشبه بالعبودية، حيث يُعاملون كسلع تُنقل من مزرعة إلى أخرى دون أي حقوق أو اعتراف بإنسانيتهم.
3. الشبكات الإجرامية واستغلال البشر: تتضمن الممارسات المتعلقة بعمالة الأطفال أيضاً شبكة معقدة من الاتجار بالبشر، حيث تُهَرَّبُ الأطفال من مناطقهم الأصلية إلى مزارع الكاكاو عبر شبكات تهريب، مما يزيد من تعقيد قضية الاستغلال، ويتم استخدام الأطفال من قبل تجار البشر في مزارع مختلفة، حيث يُستغَلون كعمالة رخيصة.
4. تأثيرات اجتماعية وتعليمية: الأطفال العاملون في زراعة الكاكاو يُحرَمُون من التعليم الأساسي، مما يؤثر سلباً على مستقبلهم، ويُحرم هؤلاء الأطفال من فرص التعلم والنمو الاجتماعي، مما يضمن استمرارية دورة الفقر والجهل.
5. الجهود الدولية والوعود غير المنفذة: رغم الجهود المبذولة للتصدي لعمالة الأطفال في زراعة الكاكاو، مثل بروتوكول هاركين-إنجل الذي أُطلق في عام 2001، لا تزال التحديات قائمة، ولم تتمكن الصناعة من تحقيق أهدافها المعلنة، حيث فشلت في تقليص نسبة عمالة الأطفال بشكل كبير، وما زالت تُواجه انتقادات من منظمات حقوق الإنسان لتقاعسها عن تنفيذ التزاماتها.
6. الإجراءات المقترحة والتحديات:
تتضمن الحلول المقترحة لمواجهة استغلال الأطفال في زراعة الكاكاو:
- رفع الأجور: ضمان أن يتقاضى مزارعو الكاكاو أجوراً عادلة تعكس تكاليف إنتاج مستدامة وتساعد في القضاء على الحاجة لاستغلال الأطفال.
- تحسين التعليم: دعم برامج التعليم والتدريب لأطفال المزارعين لضمان حصولهم على تعليم جيد بدلاً من العمل في المزارع.
- مراقبة سلاسل التوريد: تطبيق آليات فعالة لمراقبة سلاسل توريد الكاكاو لضمان خلوها من استغلال الأطفال.
مقاطعة الشوكولاتة في ظل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي
تُعد مقاطعة الشوكولاتة، أو أي منتج آخر، خطوة ذات دلالة سياسية قد تتخذها الدول أو الأفراد كوسيلة للتعبير عن موقفهم من النزاعات الدولية أو الانتهاكات الإنسانية، وفي سياق النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي شهد تصعيدًا كبيرًا في الأوضاع في غزة، ظهرت دعوات لمقاطعة منتجات الشوكولاتة كجزء من حملة أوسع لمقاطعة الشركات التي يُعتقد أنها تدعم أو تستفيد من السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
1. دوافع مقاطعة الشوكولاتة:
- التضامن مع الفلسطينيين: الكثير من الداعين للمقاطعة يرون أن عدم دعم الشركات التي تتعامل مع إسرائيل أو تستفيد منها هو وسيلة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين ومعاناتهم، وبعض الشركات العالمية في صناعة الشوكولاتة قد تكون متورطة في استثمارات أو علاقات تجارية مع شركات أو جهات إسرائيلية، مما يجعلها هدفًا للحملات الداعية للمقاطعة.
- الضغط على الشركات: تُستخدم المقاطعة كوسيلة للضغط على الشركات لتغيير سياساتها أو ممارساتها، بحيث تتوقف عن دعم السياسات التي تُعتبر غير أخلاقية أو تنتهك حقوق الإنسان.
2. صعوبة المقاطعة:
العولمة والتوريد المتداخل: صناعة الشوكولاتة عالمية ومعقدة، حيث تتداخل سلاسل التوريد بشكل كبير، والعديد من الشركات التي تصنع الشوكولاتة لديها علاقات تجارية مع العديد من الموردين في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مناطق قد يكون لها صلات غير مباشرة بالدول المعنية، وهذا التداخل يجعل من الصعب تتبع مصدر كل مكون أو منتج في سلسلة التوريد وتحديد مدى تأثير المقاطعة بشكل مباشر.
التحديات الاقتصادية: بعض الدول تجد صعوبة في مقاطعة الشوكولاتة بسبب الاعتماد الكبير على هذه المنتجات في أسواقها، والشوكولاتة تُعتبر سلعة شائعة وشعبية، ولها تأثير كبير على اقتصادات بعض الدول من حيث التوظيف والتجارة، وفي بعض الحالات قد تكون هناك ضغوط اقتصادية أو تجارية تحول دون اتخاذ خطوات حاسمة ضد شركات معينة.
التحديات السياسية والدبلوماسية: قد تواجه الدول صعوبة في مقاطعة منتجات معينة بسبب العلاقات السياسية أو الدبلوماسية مع الدول المنتجة أو الشركات المعنية، وأحيانًا تكون هناك اتفاقيات تجارية أو علاقات دبلوماسية تؤثر على قرار مقاطعة المنتجات.
عدم الفعالية والاتساع: تُعتبر مقاطعة الشوكولاتة في بعض الأحيان غير فعالة إذا لم تترافق مع حملات توعية واسعة النطاق وشاملة، وبدون دعم شعبي كبير وضغط مستمر، قد لا تحقق المقاطعة التأثير المطلوب. كما أن الشركات الكبرى يمكن أن تجد طرقًا للتعامل مع الطلبات المختلفة، مما يحد من فعالية المقاطعة.
3. الأسباب الإنسانية والأخلاقية:
في النهاية، تُعد قضية مقاطعة الشوكولاتة في سياق النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي مسألة معقدة تتداخل فيها الدوافع الإنسانية والأخلاقية مع التحديات الاقتصادية والسياسية، وتتطلب معالجة هذه القضية تنسيقًا بين الحكومات، والمجتمع المدني، والشركات لضمان تحقيق الأهداف الإنسانية دون التأثير السلبي الكبير على الأسواق والاقتصادات.
بعض شركات الشوكولاته المقاطعة:
- مارس (Mars)
- نستله (Nestlé)
- كادبوري (Cadbury)
- لويند (Lindt & Sprüngli)
- فيريرو (Ferrero)
- غوديفا (Godiva)
- باري كاليباؤت (Barry Callebaut)
- غيرارديللي (Ghirardelli)
- توبليرون (Toblerone)
العقبات التي تقف أمام صناعة الكاكاو:
صناعة الكاكاو تواجه العديد من العقبات التي تؤثر على إنتاجها واستدامتها. من أبرز هذه العقبات:
- تغير المناخ: التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على زراعة الكاكاو، حيث أن التغيرات في درجات الحرارة والأمطار يمكن أن تؤدي إلى تقليل المحاصيل أو تدهور جودتها.
- الأمراض والآفات: الكاكاو عرضة للعديد من الأمراض والآفات مثل “مرض الجراثيم الأسود” و”آفة المونيليا”، والتي يمكن أن تسبب خسائر كبيرة في المحاصيل.
- العمالة غير العادلة: هناك قضايا متعلقة بعمالة الأطفال وظروف العمل غير العادلة في بعض مناطق زراعة الكاكاو، مما يؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان.
- الفقر والاقتصاد: العديد من مزارعي الكاكاو يعيشون في فقر مدقع، مما يؤثر على قدرتهم على الاستثمار في تقنيات الزراعة المحسنة والبنية التحتية اللازمة للإنتاج.
- أسواق التجارة والتقلبات السعرية: تقلب أسعار الكاكاو في الأسواق العالمية يمكن أن يؤثر على استقرار دخل المزارعين ويجعل الصناعة غير مستقرة.
- نقص البنية التحتية: في بعض المناطق المنتجة للكاكاو، هناك نقص في البنية التحتية الأساسية مثل الطرق والمرافق، مما يؤثر على قدرة المزارعين على الوصول إلى الأسواق.
- استدامة الموارد: الاستخدام المفرط للأراضي والموارد الطبيعية يمكن أن يؤدي إلى تدهور البيئات الزراعية والموارد المائية.
- التعليم والتدريب: نقص التدريب والتعليم حول تقنيات الزراعة المستدامة يمكن أن يعيق تحسين الإنتاجية وجودة الكاكاو.
- التلوث البيئي: استخدام المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية يمكن أن يؤثر على البيئة ويؤدي إلى تلوث التربة والمياه.
- تغيرات في الطلب: التغيرات في تفضيلات المستهلكين أو انخفاض الطلب على الشوكولاتة يمكن أن تؤثر على سوق الكاكاو وتؤدي إلى تذبذب الأسعار.
شاهد أيضاً:
أبرز 10 شركات غذائية عالمية
أسعار الكاكاو تسجل ارتفاعًا قياسيًا عالميًا
أكبر خمس دول منتجة ومصدرة لحبوب الكاكاو على مستوى العالم