الأحد, سبتمبر 15, 2024

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا

تغيّرت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا بشكل جذري، مضيفة العديد من الجوانب الإيجابية إليها. فمن غير فيسبوك، كيف يمكن للشخص معرفة مثلاً ما إذا كان صديقه القديم قد تزوج؟ وبدون إنستغرام، ماذا يفعل الناس قبل النوم؟ وبدون تويتر، كيف يمكن الحصول على آخر الأخبار؟

رغم أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في البقاء على اتصال مع العالم، إلا أن الكثيرين يتجاهلون تأثيرها السلبي على ميزانياتهم. فغالباً ما يكون من الصعب التصفّح دون أن يُشعر المرء برغبة مفاجئة في الشراء. ولكن لا داعي للقلق، فنحن لسنا وحدنا في هذا الأمر، في هذا المقال، سنستكشف معاً كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا، وهل فعلاً تجعلنا ننفق المزيد من المال؟

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا؟

ظاهرة الخوف من أن يفوتك شيء ما (FOMO)

ظاهرة الخوف من أن يفوتك شيء ما (FOMO) هي تجربة شائعة تشعر بها العديد من الأشخاص في العصر الحديث. يتمثل هذا الخوف في الشعور بالتوتر أو القلق عندما يدرك الفرد أن الآخرين يستمتعون بتجارب أو أحداث لم يشارك فيها. يمكن أن يشمل هذا الشعور رغبة مستمرة في متابعة آخر المستجدات والأحداث، مع الخوف من تفويت الفرص والتجارب الإيجابية.

واحدة من الآثار الجانبية لهذه الظاهرة هي الدفع إلى اتخاذ قرارات مالية بناءة على ما ينشره الآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، ربما تشاهد صوراً لأصدقائك وهم يستمتعون في مطعم جديد، مما يثير رغبتك في زيارة المكان نفسه. ورغم أنك ربما لم تكن تفكر في زيارة هذا المطعم من قبل، فإن هذه الصور تثير الرغبة في تجربة هذه التجربة أيضاً، مما يدفعك إلى إنفاق المال على شيء لم تكن تعرف أنك ترغب فيه بالفعل.

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تعزيز هذا الخوف، حيث تعرض الأحداث والتجارب الإيجابية للآخرين بشكل مستمر، مما يزيد من الضغط على الأفراد لمواكبة كل جديد وعدم تفويت أي فرصة. ومع ذلك، يمكن لفهم هذه الظاهرة أن يساعد الأفراد في التحكم في إنفاقهم واتخاذ قرارات مالية أكثر وعياً.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا

المنتجات التي تكتسب شهرة كبيرة

تعتبر المنتجات التي تحظى بشهرة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي من العوامل التي تدفع الناس إلى الشراء بناءً على الاتجاهات الشائعة. فمن الممكن أن يجد الشخص نفسه يقتني منتجاً ما بسبب رؤيته متداولاً على نطاق واسع في تغريداته، منشوراته، أو قصصه على منصات مثل إنستغرام وتيك توك.

عندما يصبح منتج معين محط اهتمام كبير على مواقع التواصل، يمكن أن يخلق هذا الانتشار الانطباع بأنه لا بد من امتلاكه. قد يشعر الشخص بأنه يحتاجه فعلاً أو أنه سيكون غير قادر على الاستغناء عنه، حتى لو كانت وظيفته مكررة لمنتج مماثل يملكه بالفعل.

لنأخذ مثالاً على مكنسة الروبوت التي انتشرت بشكل واسع في الآونة الأخيرة. على الرغم من أنها تقوم بنفس الوظيفة التي تقوم بها المكانس التقليدية، فإن شهرتها وانتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يدفع الأشخاص إلى الشراء، حتى لو كانت تكلفتها أعلى بكثير.

ومن المهم أيضاً أن نذكر أن تقييمات المنتجات والآراء الإيجابية التي يتلقاها المنتج على وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر على قرارات الشراء. قد يقتنع الشخص بجودة المنتج ويثق في الشركة المنتجة بناءً على تلك التقييمات الإيجابية.

ومع ذلك، يجب أن يكون الشخص حذراً ويدرك أن شهرة المنتجات على وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مؤقتة، وعندما يتلاشى الاهتمام بهذه المنتجات، يمكن أن يجد الشخص نفسه يستخدمها بشكل محدود أو يتخلص منها تماماً، مما يؤدي إلى إضاعة المال الذي دفعه.

الضغوطات الاجتماعية ومواكبة الأصدقاء

الضغوطات الاجتماعية ومحاولة مواكبة الأصدقاء يمكن أن تكون مصدراً للضغط المالي وتؤثر على سلوكيات الشراء لدى الأفراد. وسائل التواصل الاجتماعي باتت وسيلة سهلة لمقارنة حياتنا بحياة الآخرين، حيث يتم نشر صور للرحلات الفاخرة والسيارات الجديدة والملابس الفاخرة.

المقارنة مع الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي قد تخلق شعوراً بالرغبة في امتلاك ما يمتلكه الآخرون، حتى لا يشعر الفرد بأنه أقل منهم. هذا الشعور يمكن أن يدفع الأفراد إلى اتخاذ قرارات شرائية قد لا تكون مناسبة لوضعهم المالي، مما يؤدي في النهاية إلى ديون ومشاكل مالية.

المهم في هذا السياق هو أن الوضع المالي لكل فرد يختلف، ومحاولة مواكبة نمط حياة الآخرين قد لا تكون مناسبة للجميع. يجب على الأفراد أن يكونوا على دراية بوضعهم المالي وقدراتهم، وأن يتجنبوا السقوط في فخ المقارنة والتسابق مع الآخرين. استخدام الأموال بشكل ذكي وفقاً للأولويات الشخصية والأهداف المالية يمكن أن يساعد في تجنب المشاكل المالية في المستقبل.

الإعلانات في كل مكان

الإعلانات تغمرنا في كل مكان على الإنترنت، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي. ربما لاحظت أنه بمجرد أن تبحث عن منتج معين على Google، يبدأ تطلعك على إعلانات تتعلق بهذا المنتج على منصات التواصل الاجتماعي. هذا ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة لسياسات الخصوصية وشروط الاستخدام التي نوافق عليها عند استخدامنا لهذه المنصات.

بموجب هذه السياسات، تحتفظ المنصات ببيانات عن اهتماماتنا وسلوكياتنا على الإنترنت، وتستخدم هذه البيانات لتوجيه الإعلانات بشكل مستهدف نحو الأشخاص الذين قد يكونون مهتمين بالمنتجات أو الخدمات المعلن عنها. وهكذا، يمكن أن تظهر لك إعلانات عن المنتج الذي كنت تبحث عنه على منصات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من احتمالية أن تقوم بالشراء.

تُقدر بعض التقديرات أن يرى الفرد العادي ما يصل إلى 10,000 إعلان يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي. وكلما كانت هذه الإعلانات جذابة، كلما زادت احتمالية أن يقوم الفرد بالنقر عليها وشراء المنتج المُعلَن عنه. وبالتالي، فإن هذه الإعلانات يمكن أن تشكل عائقاً أمام محاولة الفرد للحفاظ على إنفاقه في نطاق معقول.

لا تنسى أيضاً أن تطبيقات التواصل الاجتماعي توفر تجربة شراء مباشرة، مما يجعل من السهل علينا النقر على الإعلان وشراء المنتج دون الحاجة إلى مغادرة التطبيق. هذا يجعل عملية الشراء أسهل وأسرع، مما يزيد من احتمالية إنفاق المزيد من المال بسرعة.

الوقوع في فخ المؤثرين

المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي يمثلون قوة كبيرة في عالم التسويق، حيث يستخدمهم العديد من الشركات للترويج لمنتجاتها وخدماتها. تعتمد هذه الشركات على شعبية المؤثرين وعددهم الكبير من المتابعين لجذب انتباه الجمهور وتحفيزه على الشراء.

دور المؤثرين يكمن في بيع أسلوب حياتهم، ومن الطبيعي أن يحاولوا إقناع جمهورهم بأهمية شراء المنتجات التي يروجون لها. فعندما تشاهدين مؤثرة التجميل المفضلة لديك تشير إلى أحمر الشفاه الجديد أو الفستان الأنيق، قد تجد نفسك مغرمة بفكرة امتلاكها أيضاً، لكن الحقيقة هي أن المؤثر قد تلقى دفعة مالية للترويج لهذه المنتجات، وربما لم يشتريها بنفسه.

مشكلة الوقوع في فخ المؤثرين تكمن في أن الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تكون متنوعة ومستمرة، مما يجعل من الصعب تجاهلها. وبما أن المؤثرين غالبًا ما يقدمون منتجات بمظهر مغرٍ وجذاب، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الرغبة في شراء هذه المنتجات، حتى لو لم تكن فعلاً بحاجة إليها.

لذا، يجب علينا أن نكون حذرين وعقلانيين عند التعامل مع إعلانات المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن نتذكر أن الهدف الرئيسي من هذه الإعلانات هو الترويج للمنتجات وليس بالضرورة تلبية احتياجاتنا الفعلية.