يعتقد الجميع أن وظائفهم ستبقى خالدة وصالحة عبر الزمن وستدوم لعدة عقود، ولم يتوقعوا أنها ستصبح منقرضة في يوم من الأيام ، وذلك نتيجة للتقنيات المتغيّرة في العالم، فبعضها تتحول إلى مهن أخرى والآخر اختفي من التاريخ، واستنادًا إلى توقعات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي أن مهن تشمل معالجي النصوص والكاتبين وعمال المبيعات من الباب إلى الباب ستتلاشى عن الأنظار مع مرور الزمن.
10 مسميات وظيفية منقرضة على حسب الترتيب الزمني:
1- وظيفة متسابق العربات
تعتبر وظيفة متسابق العربات من الوظائف التي تخص الترفيه في اسبانيا، كان سباق العربات شائعًا منذ القرن السادس قبل الميلاد، مما يجعله أحد أقدم أشكال الترفيه في الإمبراطورية الرومانية [المصدر: مكمانوس]. وكانت أيضًا الرياضة الأكثر شعبية في روما. كان الرجال، الذين تجرهم الخيول، يتسابقون بمركباتهم حول “السيرك” الروماني (في الواقع، مسار بيضاوي). في البداية، كانت السباقات مخصصة للمهرجانات الدينية، ولكن مع مرور الوقت، أصبحت تقام كلما رعاها القضاة أو كبار الشخصيات الرومانية، وكان تشارلتون هيستون، نجم الفيلم الشهير “بن هور” عام 1959، هو سائق العربة الأخير في العالم.
2- وظيفة المرضعات
كانت الممرضات جزءًا كبيرًا من الثقافة الرومانية القديمة، والمرضعة هي المرأة التي ترضع طفلاً ليس من أولادها، وأصبحت هذه الممارسة شائعة في أوروبا بدءًا من عام 1000 بعد الميلاد تقريبًا، وفي وقت ارتفعت فيه وفيات الأمهات والرضع، كان الطلب كبيرًا على هؤلاء النساء، حيث قامت الممرضات بتغذية الرضع الأيتام أو إطعام الأطفال الذين كانت أمهاتهم مريضات للغاية بحيث لا يتمكنون من القيام بذلك، وعملت العديد من الممرضات أيضًا في مستشفيات “اللقطاء”، حيث تُرك الأطفال المهجورون، وكان الطلب على المرضعات من قبل النساء الفقيرات الواتي يعملّنَّ بعد وظائفهم لتلبية احتياجات عائلاتهنّ،وأيضًا من بل النساء الأثرياء باعتقادهم ان الرضاعة الطبيعية غير مناسبة لسيدات الطبقة المخملية، إلا أن هذه الوظيفة بدأت بالتراجع في القرنين التاسع عشر والعشرين؛ نتيجة لظهور علب الجيب المبستر والمعلّب وأيضًا سماح الحكومات بأخذ اجازة أمومة للنساء العاملات .
3- وظيفة صانع الدروع
خلال العصور الوسطى، كان الفرسان يصنعون دروعهم على يد متخصصين يُطلق عليهم اسم صانعي الدروع والذين غالبًا ما يستغرقون سنوات لصنع البدلة، فقد كانت البدلات المدرعة، هي الموضة السائدة لدى الرجال في ذلك الوقت، ويبدأ صانع الدروع بأخذ قياسات العميل، ثم صنع عارضة أزياء خشبية أو أجزاء خشبية من الجسم لاستخدامها في التركيبات. نظرًا لأن الفولاذ كان نادرًا بشكل استثنائي في العصور الوسطى، فإن صانع الدروع عادة ما يستخدم، على سبيل المثال، خوذة قديمة مهترئة أو درع صدري منبعج لتشكيل قطع جديدة، إلا أن هذه البدلات قد كانت ثقيلة جدًا بالنسبة لجنود المشاة، وبحلول القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت صفائح الصدر والألواح الخلفية عمومًا هي القطع الوحيدة المستخدمة، وبعد اختراع البنادق التي تستطيع أختراق الدروع مما أدرى إلا تلاشي وظيفة صانعي الدروع.
4- وظيفة مهرج المحكمة
كان الملوك قديمًا يقومون بتوظيف مهرّجًا ليقوم بإضحاكهم عندما يشعرون بالإحباط، كانوا يعملون قبل العصور الوسطى، وكانت مهمتهم هي التأكد من أن الملك وأعضاء بلاطه لا يشعرون بالتوتر الشديد، ولتحقيق هذا الهدف، كان المهرجون يقومون ببعض الحيل والألعاب البهلوانية، بالإضافة إلى إلقاء النكات، وكانوا يرتدون ملابس أبله، وسراويل ضيقة بأرجل مصنوعة من قماش مختلف الألوان، ومعطف ممزق وقبعة تشبه آذان الحمير أو مع أجراس صغيرة متصلة بها، وكانوا من بين الأشخاص القلائل الذين يمكنهم انتقاد نبلاء تلك الفترة والسخرية منها علنًا، وآخر مهرج البلاط في أوروبا كان ديكي بيرس الذي كان يعمل لدى إيرل سوفولك، وتوفي عام 1728 ودُفن في باحة كنيسة عائلة إيرل.
5- وظيفة الكنّاس
خلال العصر الفيكتوري، لم يرغب النساء والرجال الأثرياء في الحصول على ذرة من القذارة او الأتربة الموجودة في ممرات الطريق على ملابسهم الفاخرة. وهكذا بدأ الفقراء ممارسة مهنة كناسة العبور، وكانو في العادة من الأطفال الصغار أو كبار السن أو البالغين المعاقين، ويحجز كل شخص معبره الخاص به ويثوم بالتنظيف أمام الأثرياء أثناء عبورهم، رحب الكثير من الأثرياء بهذه الفكرة في حين انزعج البعض الآخر منهم بسبب المعارك التي تنشأ في حال تعدّي أحد الكنّاسين على معبر الآخر، وكانت هذه لوظيفة منتشرة في بريطانيا، واختفت في أواخر القرن التاسع عشر بسبب تحسين الحكومات لخدمات الصرف الصحي، واستبدال الخيول بالسيارات، مؤدية لتقليل الأوساخ المتواجدة في الشارع.
6- وظيفة حامل المصباح
قبل أن تصل الكهرباء إلى بيوتنا وشوارعنا، كان الغاز والنفط يُستخدمان للإضاءة في القدم، ففي أوائل القرن التاسع عشر، تم تركيب مصابيح الغاز لأول مرة في شوارع لندن الضبابية المظلمة والمدن الأخرى، كإجراء وقائي بشكل أساسي، وكان على أحدهم أن يشعل مصابيح الغاز هذه ليلاً، ثم يطفئها في الصباح، وهكذا تشكلت وظيفة حامل المصباح، وكانا هذه الوظيفة تعتبر مرموقة في لندن، وتنتقل من الآباء إلى الأبناء، وكانو يكسبون أموالاً إضافية من خلال التقاط الحشرات النادرة التي تنجذب إلى الضوء، ثم بيعها لهواة جمع الحشرات، أدّى ظهور الكهرباء والمصابيح الكهربائية إلى إخماد هذه المهنة التي كانت أسايسية في السابق.
7- وظيفة سائقو المُهر
قد تكون إحدى الوظائف الأقصر عمرًا هي وظيفة Pony Express، حيث تواجدت الخدمة لمدة 19 شهرًا فقط، وكان Pony Express وسيلة لتوصيل البريد من قلب أمريكا إلى الساحل الغربي خلال منتصف القرن التاسع عشر، وفي ذلك الوقت، كان الاتصال بين هذه المناطق متقطعًا ويستغرق وقتًا طويلاً، لذلك صمم ثلاثة رجال نظامًا يتكون من أكثر من 100 محطة تمتد بين ميزوري وكاليفورنيا، يتسابق راكبو بوني اكسبرس مع البرديد وقومون بتغيير الخيول كل 10 أميال ( 16 كيلومتر تقريبًا)، وتعتبر هذه الوظيفة من الوظائف الخطيرة نوعًا ما نظرًا لما قد يتعرض له الراكب خلال رحلته الطويلة لمخاطر الطقس والحيوانات وقطّاع الطرق وغيرها، واندثرت هذه الوظيفة بعد انشاء أول خط تلغراف عابر للقارات.
8- – وظيفة قاطعو الجليد
كان الناس بحفظون الأطعمة واللحوم دون أن تفسد من خلال إبقائها في صناديق مملوئة بالثلج، وكانو يصلون على الثلج عن طريق عامل توصيل الثلج الذي يتجوّل في الأحياء بسكل أسبوعي، ويقوم بتوفير صناديق مملوئة بكتل الثلج، وكانو يستخدمون الأحصنة في جر محراث على منطقة البرك المتجمدة للحصول على الثلج، ثم بعد ذلك تعويم كتل الجليد عبر قناة مقطوعة مسبقًا إلى مكان يمكن إزالتها وتسليمها، ولم تكن الوظيفة خالية من المخاطر، ففي بعض الأحيان يسقط قاطعو الجليد أو خيولهم في المياه الجليدية أثناء العملية، وانقرضت هذه الوظيفة في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما أصبح التبريد الميكانيكي متاحًا .
9- -وظيفة وضع الدبابيس في صالة البولينغ
تعد لعبة البولينج واحدة من أفضل الرياضات التشاركية في أمريكا، وفي أوائل القرن العشرين، تم توظيف عدة شبّان للقيام بإعادة دبابيس البولينغ بعد أن تضربها الكرة، سارت المهمة على النحو التالي: يقوم اللاعب بدحرجة كرته الأولى. بعد أن تصطدم بالدبابيس، يقفز الصبي إلى الحفرة، ويزيل “الخشب الميت” من المسار (الدبابيس المسقطة) ويعيد الكرة إلى الرامي، إلا أن “فريد شميدت” كشف النقاب عن جهاز Pinspotter الأوتوماتيكي للجمهور في إحدى بطولات الكونجرس الأمريكي للبولينج في عام 1946،وتتكون هذا الآلة من وسادة توقف كرة البولينج، ورافعة للكرة، وكنسة تجرف الدبابيس المتساقطة، وسجادة تحمل الدبابيس من الممر، مما أدرى إلى انتهاء الحاجة لهذه الوظيفة .
10- وظيفة مشغل خط الحفلة
في الأربعينيات من القرن العشرين كان الطلب كبيرًا على مشغلو خطوط الحفلات، في الأيام الأولى للهاتف (أوائل القرن العشرين وحتى منتصفه)، كان الوصول إلى هذه التكنولوجيا الجديدة أكثر شيوعًا في المدن الكبيرة وأقل شيوعًا في المناطق النائية. عندما تم توسيع خدمة الهاتف إلى المناطق الريفية، غالبًا ما استخدمت شركات الهاتف خطوطًا جماعية لعدّة أسر في نفس الوقت، يمكن تقاسمها بين ما يصل إلى 20 منزلًا لتقليل عدد الخطوط التي تحتاج إلى توصيلها (وصيانتها)، ولكن كل منزل يتميّز بنغمة رنين خاصة به، ولكن مع ظهور تكنولوجيا الهواتف المتقدمة، أصبح من السهل إنشاء خطوط لشخص واحد مثل خطوط الحفلات، ومع ذلك، لا تزال هذه الوظيفة متوفرة في المستشفيات وبعض الشركات الكبرى.