تتنافس الشركات على الابتكار والاستمرارية للبقاء في صدارة السوق، في قلب عجلة التقدم الاقتصادي، حيث إن تلاشي بعض العلامات التجارية البارزة يعكس تحولات وتغيراتٍ جوهرية في البيئة الاقتصادية، حيث يصبح التحديث والتكيف ضرورة لا غنى عنها، وفي عالم الأعمال والتجارة، يعد مفهوم الثبات محوريًا، ولكنه يخضع لتفسيرات متجددة مع تطور الزمن، فما كان يُعتبر ثابتًا في الماضي قد يصبح عرضة للتغيير والتطوير في الحاضر، ويتساءل العديد من رواد الأعمال عن كيفية الحفاظ على الاستدامة والبقاء في ظل هذا السياق المتغير باستمرار.
إن تاريخ العلامات التجارية البارزة التي اندثرت يقدم دروسًا قيمة حول ضرورة التكيف، وكيف يمكن للشركات أن تستفيد من التحولات الاقتصادية بدلاً من أن تتأثر بها، يظهر تفهم الديناميات الاقتصادية والاستعداد للتغير كأساس للبقاء في طليعة عالم الأعمال المتطور.
سنستعرض في هذا المقال قصص هذه العلامات التجارية البارزة، بدءًا من اللحظة التي كانت فيها على قمة رونقها وصولاً إلى لحظة اختفائها، محاولين فهم العوامل التي أدت إلى اندثارها وكيف تركت بصمتها في ذاكرة التجارة العالمية.
5 علامات تجارية أمريكية شهيرة لم تعد موجودة:
- “Amoco”
في عام 1889، تأسست شركة “ستاندرد أويل”، وبعد استحواذها على “أمريكان أويل” في عام 1910، تغير اسمها إلى “أموكو”، الشركة سعت إلى تحقيق طفرة في صناعة محطات الوقود في الولايات المتحدة، وأصبحت جزءًا رئيسيًا من تطور صناعة السيارات عبر الطرق الأمريكية، ومع مرور الوقت، أصبحت “أموكو” أكبر منتج للغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية ورائدة في مجال الطاقة الشمسية.
وفي عام 1998، أعلنت “أموكو” عن نيتها للاندماج مع “بريتيش بتروليوم”، مع الاستمرار في العمليات تحت نفس الاسم في الولايات المتحدة، ومع ذلك، قررت “بريتيش بتروليوم” لاحقًا تغيير أسماء محطات البنزين إلى “بي بي”، مما أدى إلى اختفاء اسم “أموكو”.
- “Pan Am”
تأسست شركة “بان أمريكان وورلد إير ويز”، المعروفة باسم “بان آم”، في عام 1927 في “كي ويست” بفلوريدا، حيث كانت بدايتها في نقل البريد بين الولايات المتحدة وكوبا، ومع مرور الوقت، قامت الشركة بتوسيع نشاطاتها لتصبح واحدة من أهم شركات الطيران غير الرسمية التي تخدم أمريكا الجنوبية والوسطى، حيث أصبحت “بان آم” شهيرة وتفضلها العديد من المواطنين الأمريكيين كوسيلة مفضلة للسفر الدولي.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ازدهرت حركة السفر والسياحة على مستوى العالم، وأصبحت “بان آم” الخيار الأمثل للمسافرين خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كما تم تسليط الضوء على الشركة من خلال حلقات تلفزيونية في عام 2011.
ومع ذلك، تعرضت “بان آم” لصدمتين قويتين، الأولى في عام 1988 عندما تم تفجير إحدى رحلاتها رقم 104 فوق “لوكيربي” في اسكتلندا، والثانية عندما ارتفعت أسعار الوقود بسبب حرب الخليج، مما تسبب في عجز مالي للشركة، ونتيجة لذلك، أعلنت الشركة افلاسها في يناير/كانون الثاني عام 1991 وأغلقت جميع مقارها في ديسمبر/كانون الأول من نفس العام.
شاهد أيضاً: أكبر 6 شركات يابانية
- “Blockbuster”
اقترب مؤسس شركة “نيتفليكس”، “ريد هاستينجز”، في عام 2000، من المدير التنفيذي لشركة “بلوكباستر”، “جون أنتيوكو”، مقدمًا اقتراحًا لاتفاق شراكة بين الشركتين، ومع ذلك، لم يكن لديه “أنتيوكو” الاهتمام الكافي في الاتفاق بسبب تفوق شركته، التي كانت تحتل الصدارة في سوق تأجير الأفلام وأجهزة الفيديو وتحقق أرباحًا قوية.
ونتيجة لتلك الرفض، بدأت أنشطة “بلوكباستر” في التراجع، وفي عام 2010 أعلنت الشركة إفلاسها، في حين استمرت “نيتفليكس” في النمو والازدهار، وهذا الانحدار في أعمال “بلوكباستر” كان متزامنًا مع انتشار “نيتفليكس” ونجاحها في توفير خدمة البث الرقمي، مما جعل الأولى تفقد مكانتها كواحدة من رواد صناعة تأجير الأفلام.
- “WoolWorth’s”
افتتح “فرانك وولوورث” متجر “Great 5cents” في نيويورك، في عام 1879، ومن خلال هذا المتجر، قام بتغيير طريقة تسوق المواطنين، حيث شملت سلعه كل شيء، بدءًا من السلع الأساسية إلى بيع وجبات الطعام الساخنة، وهذا الابتكار وضع الأساس لمستقبل وجهات التسوق في العالم، مثل “وول مارت” (WMT) الذي يتمتع بشهرة كبيرة حاليًا.
ولقد سيطرت “وولوورث” على سوق الخصومات لمدة 117 عامًا، وأصبحت رائدة في ممارسات تسوق التجزئة، ومع ذلك، في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت أنشطتها في التراجع، وفي عام 1986، أعلنت الشركة عن خسائر تقدر بحوالي 37 مليون دولار، وفي العام التالي، قررت إغلاق محلاتها التجارية البالغ عددها 400 المتبقية، بذلك، انتهت مسيرة شركة “وولوورث” التي كانت لها تأثير كبير على تاريخ تجارة التجزئة.
- “Oldsmobile”
تأسس “رانسوم إلي أولدز” شركة “أولدز موتور فيكل” في عام 1879، وتم دمج الشركة في “جنرال موتورز” عام 1908، حيث استمرت لمدة تقرب من 100 عام، وخلال هذه الفترة، حققت “أولدزموبيل” مبيعات تقدر بحوالي 35 مليون وحدة، وأصبحت معروفة بعلامات تجارية مثل “كتلاس” و”كتلاس سوبريم”.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، كان متوسط مبيعات الشركة حوالي مليون وحدة سنوياً، ومع ذلك، بدأت هذه المبيعات في التراجع خلال التسعينيات، حيث أصبح من الصعب عليها المنافسة مع شركات أخرى مثل “تويوتا” و”هوندا” و”هيونداي”، وبالإضافة إلى علامات تجارية أخرى تابعة لـ “جنرال موتورز”.
وفي عام 2000، أعلنت “جنرال موتورز” عن تصفية العلامة التجارية “أولدزموبيل”، وكانت آخر مرحلة لتجميع سيارات “أولدزموبيل” في أبريل/نيسان عام 2004، حيث أغلقت بعد ذلك أبوابها، وبهذا، انتهت مسيرة شركة “أولدزموبيل” التي كانت تاريخية في صناعة السيارات.
تظهر قصص العلامات التجارية التي اندثرت أهمية التكيف السريع والمرونة، وكيف أن التمسك بالنماذج القديمة قد يؤدي إلى التراجع والاختفاء، وتحمل هذه القصص أيضًا رسالة حول أهمية فحص السوق وفهم احتياجات المستهلكين بدقة، وتقديم الخدمات والمنتجات التي تلبي تلك الاحتياجات بفعالية.
شاهد أيضاً:
ما هي تخصصات علم الإقتصاد؟
التجربة العالمية للاقتصاد
أقوى 5 عملات في العالم
أكثر الدول إنتاجًا للحوم